الاعتقال الاحتياطي بالمغرب : بين اكتظاظ السجون و غياب تفعيل آليات بديلة

تعيش السجون المغربية حالة مزرية منقطعة النظير و ذلك بسبب الاكتظاظ الذي تتزايد وتيرته يوما بعد يوم، مما يؤدي إلى خلق مشاكل عديدة داخل المؤسسات السجنية من سوء التعامل مع السجناء و تدني الخدمات المقدمة و تقليص فترة الفسحة إلخ، هذا الاكتظاظ راجع و اساسا الى النسبة الكثيرة التي تتوافد من المعتقلين الاحتياطيين الذين يتابعون من اجل جنحة أو جناية والتي لم يصدر في حقهم أي حكم، فحسب احصائيات للميديرية السجون و إعادة الإدماج فان نسبة هذه الطبقة تقدر ب 49% من مجموع المعتقلين أي تقريبا النصف و هو الرقم الذي يجده الجميع مهولا، مما يجبر المديرية الى تقليص الثمن المحدد للمصروف اليومي لكل سجين من 15 إلى 11 درهم حسب إحصائيات حديثة  أما من جهة ثانية فإن إخضاع المتهم أو المشتبه فيه للاعتقال قبل المحاكمة هو حرمان الإنسان من حريته قبل أن تثبت إدانته، بل وقد ينتهي معه التحقيق أو المحاكمة إلى عدم متابعته أو إعفائه أو براءته، فيكون اعتقاله، احتياطيا، وبصفة مسبقة، بمثابة ظلم فادح وإهدار لحريته وكرامته. كما إن نظرة المجتمع المغربي للشخص المعتقل احتياطيا بمجرد وضعه بمؤسسة سجنية تكون بمثابة مسجون تمت إدانته بعقوبة حبسية ثابتة في حقه في سياق آخر، فان المؤيدين لهذا المبدأ يرون أن من ايجابياته حماية الشخص المرتكب للفعل او الجريمة من عائلة الضحية و كذلك الحفاظ على الامن و الاستقرار، ومنع المشتبه به من التأثير على الشهود و إغرائهم، و أيضا إخفاء بعض المعالم و الآثار التي قد تساهم في إدانته، في حين يرى البعض الآخر وجوب إعطاء هذه الفئة عناية و أولوية خاصة و إخضاعهم لبرامج تربوية خاصة و تسريع البث في القضايا التي فيها معتقلون احتياطيون و الحرص على إنهائها في آجال معقولة مع إقرار تعويض أو إمكانية المطالبة بالتعويض في حالة الحكم بالبراءة لمن قضى فترة معينة من الاعتقال الاحتياطي مع تفعيل الآليات البديلة المنصوص عليها قانونا من قبيل الكفالة المالية و الكفالة الشخصية و الوضع تحت المراقبة القضائية التي لا يلجأ إليها القانون إلا نادرا.سميمو بريس ـ الربي محمد أمين